النص القرائي: إشكاليات الفهم والإفهام، نحو استراتيجيات متنوعة لفهم النصوص وتذوقها ونقدها





النَّصُّ القِرائي: إشْكاليات الفَهْم والإِفهام
 نحو استراتيجياتٍ مُتَنَوعة لفهم النصوص وتذوقها ونقدها
تقرير:  الأستاذ عبد السلام أبو



نظم فريق علوم الخطاب ومناهج تدريس اللغات والآداب بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين – سوس ماسة إنزكان يوم السبت 04 ربيع الثاني 1439هـ موافق لـ 23 دجنبر 2017م بتنسيق مع المنسقية الجهوية للغة العربية بأكاديمية سوس ماسة وبدعم من الجماعة الحضرية لإنزكان يوما دراسيا تكوينيا في موضوع علوم الخطاب ومناهج تدريس اللغات والآداب/ الحلقة الأولى: حول النص القرائي: إشكاليات الفهم والإفهام، نحو استراتيجيات متنوعة لفهم النصوص وتذوقها ونقدها. تم ذلك وَفق برنامج ضم أربع جلسات: جلستين صباحا وجلستين مساءً كالآتي:
-           الجلسة الافتتاحية: كلمة استهلال/ آيات بينات من الذكر الحكيم/ كلمة شعبة اللغة العربية بالمركز/ كلمة فريق البحث (8:10 إلى 8:50).  
-           الجلسة النظرية: الفهم والإفهام في السياق التربوي (9:00 إلى 10:00).  
-           الجلسة العملية (ورشات) (15:00 إلى 16:30).  
-           الجلسة الختامية: كلمة ختامية وتوصيات اليوم الدراسي (17:20 إلى 18:00).  
افتتح اليوم الدراسي التكويني –كما أشرنا- بكلمة استهلالية للسيد مسير الجلسة الدكتور عبد العاطي الزياني، تلتها آياتٌ بيناتٌ من الذكر الحكيم تلاها ذ. عبد الحق الحمداوي، فكلمة السيد رئيس الشعبة بالمركز ذ. هشام بن زروال، فكلمة فريق البحث التربوي في علوم الخطاب ومناهج تدريس اللغات والآداب ألقاها الدكتور محمد أمنو سلطت الضوء على الفريق نفسِه والقراءة بصفة عامة والقراءة "المنهجية" على وجه الخصوص.
بعد الافتتاح، أقيمت جلسة نظرية حول الفهم والإفهام في السياق التربوي، سَيَّرَ محورَها الأولَ (القراءة: إشكاليات التعليم والتعلم) الأستاذُ الدكتور إبراهيم طير، وسير محورَها الثاني (نحو استراتيجيات متنوعة لفهم النصوص وإفهامها) الأستاذُ الدكتور عبد الرحمان الماحي.
المحور الأول: القراءة: إشكاليات التعليم والتعلم
         افتتح المحور بكلمة السيد المسير مدارها الترحيب بالضيف ذ. عبد الرحيم كلموني، مع نبذة عن حياته وأهم إنجازاته في المجال التربوي، كما تمت فيها الإشارة بشكل مقتضب إلى علاقة القراءة بالتعلم، وأهمية القراءة، فوضعية القراءة بالمدرسة المغربية، فأسئلة هادفة حول القراءة والأدب: تدريسه وتذوقه. أما مداره فشكلته ورقةٌُ لضيف اللقاء بعنوان القراءة: إشكالية التعليم والتعلم، وهذه محاورها:
-       لِمَ القراءة؟
-       إشكالية القراءة.
-       القراءة بالمغرب: الثابت والمتحول.
-       القراءة والنموذج البيداغوجي.
-       القراءة والمراقي الصُّنافية.
-       القراءة والمقاربة بالكفايات.
-       القراءة والتقويم (التدريس والتكوين).
-        أفكار من أجل القراءة الفعالة.
استهلت المحاضرة بسؤال جوهري هو: هل القراءة مجرد مكون في تدريس اللغات؟
ونجمل أهم أفكار المحاضرة الافتتاحية في:
·        القراءة عمدة كل التخصصات، لذا يجب أن نوليها أهمية كبرى.
·        ثمة اختبارات دولية في القراءة، أهمها بيرلز PIRLS  لفائدة التعليم الابتدائي، واختبار PISSA  للإعدادي.
·        مشكلة القراءة بالمدرسة المغربية مشكلة متعددة المظاهر، تتداخل فيها عوامل عدة أهمها المنهاج وعوامل سوسيوثقافية (المحيط الأسري/ المحيط المدرسي/ تمثل المجتمع للقراءة/ ...).
·        الثابت في القراءة بالمدرسة المغربية أنها مجرد مكون لمادة دراسية، كما أنها مجرد وسيلة وأداة لأشياء أخرى نحو اكتساب المعلومات/ القيم/ التوظيف اللغوي/ ... الخ.
·        المتحول فيها العناوين الخاصة بالنموذج البيداغوجي (تعليم بوساطة الأهداف، فتعليم بوساطة الكفايات وما هو إلا تغيير العناوين دون المحتوى، وهو أمر خطير على حد تعبير المحاضر؛ فلا يعقل ثبات المحتوى والتصور وتغيير عناوين الإطار البيداغوجي.
·        التمثيلية مفهوم لا ينسجم مع المقاربة بالكفايات.
·        الوضعيات المركبة عمدة المقاربة بالكفايات، وهي وضعيات قليلة إن لم نقل تغيب بالمدرسة المغربية.
·        القراءة المنهجية رسخت تمثلات خاطئة عن القراءة كما رسخت نتائج نمطية عقيمة وقصورا في القراءة.
·        للقراءة المنهجية خصائص محددة، اعتبرها المدرسون اليوم خصائص "مقدسة" لا تقبل التغيير، وفي مقابل ذلك هناك قراءة نسميها القراءة "س"، هي قراءة فعالة إذا ما أمعنا النظر في خصائصها وقارناها بخصائص القراءة المنهجية.
·        بناء المنهاج (منهاج القراءة) عملية تقتضي الصبر والأناة والدقة ويتم هذا بناءً على نتائج البحوث المنهاجية المتطورة مع مراعاة التدرج والتكامل المنهاجيين والحرص على تعليل الاختيارات المنهجية.
·        الإصلاح البيداغوجي يتم بمراجعة الهندسة البيداغوجية وزمن التعليم والتعلم وحل إشكالية التوجيه البيداغوجي.
·        الإصلاح الديدكتيكي يتم بمراجعة المحتوى والطرائق (تدقيق المفاهيم/ تدقيق الوضعيات التقويمية/ وقس على هذا...).
  تلت تقديمَ هذه الورقة مناقشة، شملت تدخلات بعض الحاضرين انصبت تساؤلاتهم فيها حول محاور عدة أهمها عيوب المقررات الدراسية/ بساطة النصوص وجفافها/ واقع القراءة المأزوم بالمدرسة المغربية/ المنهاج وطبيعته/ القراءة والإقراء/ التوجيهات التربوية/ "عقم" الزمن المدرسي نتج عنه غياب زمن القراءة/ علاقة الأستاذ بالمؤطر التربوي (المفتش)/ عملية النقل الديدكتيكي/ فرضيات القراءة/ مرحلة الفهم خلال القراءة "المنهجية"/ تدريس الأدب باعتباره لغة منـزاحة أو لغة تطغى عليها الوظيفة الشعرية ليس بالأمر الهين/ القراءة: أ وسيلة هي أم غاية أم هما على السواء؟/ ملاحظة النص خلال عناصر القراءة "المنهجية"/ ... الخ.
أما ردود الأستاذ عبد الرحيم الكلموني فسلطت الضوء على أهم ما ورد في تساؤلات المتدخلين وملاحظاتهم، ومن أهم ردود الأستاذ:
ü     عدم الرضا بما يقدم داخل الفصل الدراسي شيء محمود وإيجابي لأنه وليد إدراك حصول خلل في طرائق الإقراء، ووليد خلل الهم الذي نظمنا من أجله هذا اليوم الدراسي.
ü     المنهاج الدراسي بالمغرب  ليس منهاجا مواكبا لعصره كما ورد في تدخل  لأحد السادة الأساتذة الحاضرين، لأن منهاجنا اليوم أشبه ببناء عشوائي؛ يقتضي إصلاحُه جهدا كبيرا ومدة زمنية طويلة لأنه زاخر بالهنات، وهي التي جعلت المدرس اليوم يسقط في نمطية وميكانيكية في تدريس النصوص والأدب بصفة عامة.
ü     قد نستغني عن بعض عناصر القراءة المنهجية إذا لم تفدنا بشيء، وعلى رأسها مرحلة افتراض موضوع النص.
المحور الثاني: نحو استراتيجيات متنوعة لفهم النصوص وإفهامها
محورٌ سير مجرياتِه – كما أشرنا- الأستاذُ عبد الرحمان الماحي:
وقد قدمت فيه ورقتان: الأولى في موضوع ممكنات التعدد المنهجي لفهم النصوص وإفهامها للأستاذ الدكتور أحمد أتزكي، والثانية حول المنظور التقابلي: المقترحات النظرية وممكنات التنـزيل لمنسق فريق البحث الدكتور محمد بــازي. وقد سلطت الورقة الأولى الضوء على القراءة "المنهجية للنصوص واستراتيجيات الفهم، ومن أهم ما ورد فيها بعد الإشارة إلى سياق الموضوع العام:
-        محاولة فهم الفهم.
-        الفهم من منظور القراءة "المنهجية".
-        استراتيجيات بناء الفهم لإعادة درس القراءة إلى جوهره وكنهه.
-        ماهية الفهم؟
-        آليات الفهم القرائي (كيف يتم الفهم القرائي؟).
-        أهمية التعلم.
-        الفهم من منظور علم النفس المعرفي.
-        الفهم من منظور القراءة "المنهجية".
-        موقعه منها.
-        كيف ننقذ ممارساتنا الصفية من سوء الفهم؟
-        آليات بناء المعنى (الفهم الأفقي/ الفهم العمودي الرأسي (تفكيك النص/ استنتاجات/ خلاصات/ ...الخ).
-        استراتيجيات تنشيط الفهم.
أما ورقة الأستاذ محمد بازي فجسدت محاور هادفة جوهرية، أهمها:
-        مشروع القارئ البليغ.
-         السياق العام للمنظور التقابلي.
-        المدخل الفلسفي الوجودي من خلال جعل الفهم من الأولويات الكبرى لبناء الإنسان والحضارة على السواء.
-        فهم النصوص في علاقتها بناء الإنسان.
-        إشكالية فهم النصوص في السياق المدرسي مرتبطة أساسا بتحويل النصوص إلى جثث هامدة يُقتطع منها.
-        وضع تدريس الأدب بالمدرسة المغربية وضع مقلق حيث اكتنفت الأدبَ خطورةُ الإفهام (إفهام النصوص).
-        أسباب ودوافع جعلتنا نصل إلى هذا الوضع أهمها تطبيق عناصر القراءة "المنهجية" بشكل آلي نمطي ميكانيكي/ ضعف التكوين التأهيلي/ نظام التعليم وكثافة الدروس المقررة وعدم مناسبتها متطلبات المتعلم اليوم/ طبيعة تكوين المكونين/ ضعف المتعلمين أنفسُهم في التمكن من أدوات القراءة والفهم/ اعتماد المنظور القرائي الواحد/ غياب تصور واضح لطرائق الفهم وآليات الإفهام لدى لجان تأليف المقررات الدراسية/ ...الخ.
-        نماذج واستراتيجيات بديلة: التساندية/ التقابلية/ الاستعارية.
-        مفتاح تساند العلوم (التعاون) فالعلوم يخدم بعضُها بعضًا.
-        سيمياء التقابل وكيمياء التأويل.
-        النص كون لغوي متقابل من منظور التقابلية.
-        عملية الفهم تتم بيسر باستعمال التقابل لأن الذهن البشري يشتغل بهذه المقابلات.
-        منهج الاستعارية يقوم على استعارة الأنوال.
تلت الورقتين مناقشةٌ ركزت تساؤلات المتدخلين فيها على النظريات الغربية ومقارنتها بالمنهج التقابلي، ومدى إمكانية تنـزيل المنهج التقابلي بالمقررات الدراسية بالمدرسة المغربية، ثم التساؤل عن الفهم الأنسب للمتعلم، وجدوى تدريس الأدب، ودوافع عسر القراءة بالسلك الإعدادي، واقع تدريس النصوص بالسلك التأهيلي (المؤلفات نموذجا)، ثم علاقة عملية الإفهام بمستوى جل المتعلمين المتدني، إذ التنظير شيء، والواقع شيء آخر.
جاءت الردود مركزة على المنهج التقابلي باعتبار منظورها فلسفيا كونيا (فلسفة الكون/ كيف نصل إلى أحادية المعنى؟ فإذا كانت المنهج السيميائي مثلا يدرس النص من أجل النص، فالتقابل منهج يدرس النص من أجل الإنسان، ومنه فهو منهج يخترق النصَّ. ومن أهم ما ركزت عليه كذلك ردود ذ. محمد بازي مشكل المقرر الدراسي المغربي حيث يطغى عليه الكم ويفتقر للكيف أيما افتقار، ليعرج الأستاذ على جدوى تدريس الأدب، ويشير إلى أن من أهم معضلات تذوق الأدب للمتعلم  اليوم ثقل النصوص الذي يشكل عسرا لدى المتعلم.
أما ردود الأستاذ أحمد أتزكي فسلطت الضوء على الفهم في علاقته بالمشروع (بناء تعاقد بين المدرس والمتعلم)، وكذا عسر القراءة باعتباره مشكلا مرتبطا أكثر بالمراحل الابتدائية، أما معضلة التأهيلي بسلكيه فمرتبط بعسر الفهم، وكلها مخاطر يجب أن تُدَقَّ أجراسها قبل فوات الأوان.
وفي مساء اليوم الدراسي أقيمت جلسة عملية على شكل ورشات، سيرها الأستاذ الدكتور الـحسَن الوثيق، قُدِّمَ فيها نشاطان: النشاط الأول حول عوائق فهم النصوص، أطره الأستاذان أحمد أتزكي ورشيد كناني، تم العمل فيه على نص حجاجي من منظور المنهج التقابلي بالقاعة 9 بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين المذكور، والنشاط الثاني حول تجريب فهم نص سردي وَفق منهج التقابل، أطره الأستاذان: الدكتور جامع هرباط والدكتور الحسين خليفة بالقاعة 10. وبصفتي مقررا لمجريات اليوم الدراسي، حضرت ورشات تجريب نص سردي وفق منهج التقابل، حيث قسم السادة الأساتذة إلى أربع مجموعات: مجموعتين تضمان أساتذة السلك التأهيلي، وأخريين تضمان أساتذة السلك الإعدادي.
اختار المؤطران نصا سرديا لأحمد بوزفور بعنوان "الغابر الظاهر" من مقرر السنة الثانية بكالوريا آداب وعلوم إنسانية (الممتاز في اللغة العربية، ص. 164. وقد انطلق العمل بالورشات من خلال سؤال جوهري هو: كيف يمكن ممارسة الفهم والإفهام داخل الفصول الدراسية اليوم بعيدا عن عناصر القراءة "المنهجية" النمطية؟
حاولت المجموعات دراسة النص المقترح المذكور تقابليا في الوقت الذي تدرس فيه مجموعات ورشات القاعة المجاورة نصا حجاجيا. وبعد هذه التطبيقات، التحقت المجموعات بقاعة الجلسات حيث قدمت نتائج الورشتين (تقديم الخلاصات المصوغة) ليختم اليوم الدراسي بكلمة ختام للأستاذ محمد بازي؛ منسق فريق البحث في علوم الخطاب ومناهج تدريس اللغات والآداب، شملت توصيات اليوم الدراسي، وبعدها تم توزيع شواهد تقديرية لفائدة  بعض الأعلام البارزين المسهمين في تنشيط اليوم الدراسي .







شارك المقالة عبر:

اترك تعليقا: