مؤتمر في الحاجة إلى التأويل

ملخص المشاركة



يوم 25 و26 أبريل 2018



حرَّك اهتماماتِنا المعرفية - منذ عقدين من الزمن- سؤالان كبيران: كيف نبني مُؤَوّلين بُلغاء؟ وكيف نحتمي ب"قوانين" بلاغة التأويل لحل إشكالات الفهم والمعنى؟  وقد خلصنا في مقترحات سابقة  إلى مواصفات المؤَوِّل البليغ، وأدواته، ومهاراته، مستأنسين بمنجزات البلاغيين القدامى وتصورات المفسرين، وبعض منجزات المنظرين الغربيين في مجال التأويل. وأكدنا -تبعا لذلك- أن علوم البلاغة لا تزال في حاجة إلى مقترحات جديدة، تستفيد من العلوم المحايثة لنشأة البلاغة القديمة، مثل أصول الفقه، وعلم التفسير، وعلوم القرآن، وعلم النحو، وعلم اللغة، وتغتني في الوقت نفسه بالمقترحات البلاغية حديثة عربية وغربية.


      بلاغة التأويل مطلب علمي هام، سيُمكن من رفع معالم الاشتغال البلاغي من حيث هو علم بالأدوات التي تحقق - عند امتلاكها - تأويلا بليغا مقبولا وسليما، ولذلك حاولنا ضبط هذه البلاغة وهي ذات جذور عميقة في مدونات البلاغة القديمة بالمعنى الموسع، وتشكيلها في نماذج عملية قابلة للتطوير، مثل النموذج "التساندي"والنموذج "التقابلي"   والنموذج" الاستعاري"  أو غيرها من الاجتهادات الممكنة الكثيرة.  

    بناء على ما سبق، ستحاول المداخلة المقترحة للمشاركة الإجابة عن الأسئلة التالية: هل ننطلق لبناء نماذجنا التأويلية والبلاغية والمعرفية والنقدية من"النماذج" الجاهزة في التراث الإسلامي والعربي رغم تفاوت قيمتها؟ أو مما قدمته لنا الثقافات الأجنبية؟ أو من وضع "اللانموذج"؟ 
    هل يمكن أن نعتبر الأطاريح التأويلية الكبرى في تراثنا نظريات؟ ما حدود صواب الدعوة إلى تأسيس نظرية تأويلية أو بلاغية  أصولها موزعة في المباحث المعرفية القديمة؟ وما هي أنساقها وملامحها؟
 كيف يمكننا استعارة بعض الأدوات المعرفية، والمناهج، والتصورات القديمة، ثم التركيب بينها لبناء نماذج تأويلية، أو بلاغية، أو نظرية تفيدنا اليوم في دراسة النصوص وتحليل الخطابات؟
 إلى أي حد تُقَدِّم البلاغة القديمة ذخيرة كافية لمنظرين مجتهدين حتى يبنوا من الأنساق الفكرية البلاغية أدوات معرفية جديدة، تحل بعض مشكلات الفهم والتواصل والبيان والتأويل وصناعة الخطاب؟  وأخيرا، ماذا سنستفيد من المعرفة بنظريات تحليل الخطاب الحديثة لفهم التراث؟ 
         سنقدم في ورقتنا المفصلة تعريفا مختصرا بالنموذجين "التساندي" و"التقابلي" في مجال التأويل والفهم وبناء المعنى، ثم عرضا موسعا بمقترح تأويلي آخر وهو المنظور"الاستعاري المنوالي" لتحليل الخطاب وتأويل سيمياء  الثقافة وأنساقها الجوالة؛ وبعض أدوات تأويل ما سميناه" الاستعارات المجرِّية"، أو "مجرة الاستعارات"، مستفيدين من نظريات الاستعارة القديمة والحديثة.
     تتجاوز الاستعارة المنوالية أو الطِّرازية التي تتشكل منها " مجرة الاستعارات" داخل النص علاقة كلمة بكلمة، أو علاقة استعمال لغوي تصوري بتصور سابق، إلى استعارة دينامية مفتوحة ذات طابع ثقافي شبكي متعالق، وهي تعمل في كل الخطابات بدرجات متفاوتة. 
      إنه تصور تأويلي بلاغي يسعى إلى تشكيل نموذجه الخاص اجتهادا وتأصيلا ورؤيا وفلسفة ومرجعية، استنادا إلى مجموعة من الأمثلة والتجارب والتحققات النصية.    
    باختصار، يقدم البحث استعراضا للخطوط الكبرى لتأويلية "التساند"، وتأويلية "التقابل"، وتأويلية "الطرازات المستعارة"، انطلاقا من مفاهيم مجترحة، وأدوات تأويلية مقترحة، وخطاطات منهجية جديدة، وأسئلة معمقة موجِّهة لتحليل الخطاب. آملين أن نوفق في تقديم جانب من جوانب الانشغالات المعاصرة بالتجديد في مناهج التأويل داخل النقد المغربي المعاصر. 



شارك المقالة عبر:

اترك تعليقا: