تأويلية التقابل بين التأصيل النظري والتنزيل النقدي (دراسة تحليلية)







                                                                    محمد مساطة


أضع بين يدي أحبابي وأصدقائي في هذا الفضاء النقدي البهي تقريرا بسيطا حول بحث الماستر الخاص بي، وهو بحث خصصته لدراسة المشروع النقدي للكاتب والناقد المغربي محمد بازي، وأتمنى أن تجدوا في هذا التقرير بعضا مما نشترك فيه جميعا. والتقرير على الشكل التالي: 
يعد مجال الأدب مجالا واسعا لكثرة مباحثه أولا، ثم لطبيعته المتجددة ثانيا، ولذلك فتحديد مجال الاشتغال وضبطه من الأمور التي تساعد في الوصول إلى نتائج ذات قيمة يستحسنها العقل ويقبلها المنطق، ووعيا بهذا المبدأ، حاولت الاشتغال ضمن حقل التأويل دون غيره من فروع الأدب المختلفة، وقد وسمت بحثي بتأويلية التقابل بين التأصيل النظري والتنزيل النقدي (دراسة تحليلية)، وهو كما يظهر من العنوان دراسة تحاول أن تبين الأسس التي يقوم عليها النموذج التقابلي نظريا، ثم مناقشة فاعليته في تحليل النصوص والخطابات تطبيقيا، لكن يبقى السؤال المطروح: لماذا التأويل بالضبط؟ ثم لماذا تأويلية التقابل؟ ثم لماذا بازي دون غيره؟ وهل لهذا الاختيار من حجج تعضده وتدعمه؟ ثم هل يستحق فعلا هذا الاجتهاد النقدي الذي تقدم به الباحث المغربي محمد بازي كل هذا الاهتمام؟ وما المميز في مشروع بازي عن غيره؟ ثم ما الجديد الذي جاء به هذا المشروع في مجال النقد وتحليل الخطاب؟ وهل لهذا الاجتهاد آفاق في مجال القراءة والتأويل؟
أعتقد أن حقل النقد والتأويل هو من أهم الحقول المعرفية الأدبية التي يجب أن يعتني بها دارسوا الأدب، وأن يصرفوا تجاهها هممهم، لأن التأويل فيما نعتقد فعل إنساني خلاق، كان ولازال وسيبقى ميزة مُيز بها الإنسان عن غيره من المخلوقات، ثم لأهمية حقل التأويل في مسارنا التكويني، ففي هذا المبحث بالذات تتربى في الطالب ملكة التحليل والقدرة على ترتيب الأفكار والجمع بين الآراء لصياغة موقف خاص، وتلك لعمري من أهم الغايات التي يسعى الطالب إلى اكتسابها في درب تكوينه وتحصيله العلمي. وإذا كانت للتأويل هذه المكانة الهامة، فلماذا تأويلية التقابل دون غيرها؟.
إن اختيار الاشتغال على المشروع التأويل التقابلي الذي تقدم به الباحث المغربي محمد بازي لم يكن عبثا، بل ذلك راجع لسببين، أولها البعد التأصيلي الذي لمسته في المشروع، والذي يسعى إلى تأسيس نموذج قرائي في فهم النصوص، ينطلق من واقع ثقافتنا العربية وما تمليه سياقاتها المختلفة، ثم يعزز ذلك بكل ما يمكن أن تتيحه له الاجتهادات النقدية الحديثة في حدود طبعا ما يتماشى والمقصد العام لتأويلية التقابل. أما السبب الثاني، فللفائدة المعرفية التي تتحصل بواسطة هذا النموذج التقابلي إبان تحليل النصوص أو نقدها.
يندرج عملنا هذا ضمن الاجتهادات التي تجعل من التأويل شيئا هاما ذا قيمة، كما أسعى من خلاله إلى إعادة الاعتبار للناقد العربي عامة والناقد المغربي خاصة، فهو ليس ناقدا مقلدا يستلهم النموذج الغربي ويقبل عليه دونما اجتهاد، وإنما هو شخص مبدع قادر على صياغة نموذج نقدي قرائي لفهم النصوص والخطابات، ينطلق من واقع الثقافة العربية ومما تمليه عليه النصوص العربية على اختلاف أجناسها وأشكالها، ثم يصوغ نموذجا يحترم خصوصية هذا الإبداع واختلافه على غيره من الخطابات الإنسانية الأخرى.
إن الالتزام بمنهج معين من الأمور التي تساعد في ضبط الموضوع، وقد استعنت في بحثي هذا بالمنهج الاستنباطي التحليلي الذي ينطلق من العام إلى الخاص، حيث عرضت في البداية إلى التأويلية كفضاء عام يجمع ثلة من الاجتهادات النقدية، ثم خصصت عملي فيما بعد لدراسة الاجتهاد النقدي لمحمد بازي، وهكذا جاء هذا البحث موزعا بين فصلين، وكل فصل يتقاسمه مبحثان ومطالب، عنونت الفصل الأول بالتأويلية بين المفهوم والمنهج، حيث عرفت فيه بالتأويلية في اللغة والاصطلاح، ثم تحدث عن التأويلية الغربية في المبحث الأول اعترافا بالجهود الكبيرة التي بذلت في الغرب في مجال التأويل والنقد، حيث تم التطرق لبعض المحطات من تاريخها، بداية مع التأويلية الكلاسيكية التي ارتبطت بمجمل القواعد التي صيغت لضبط عملية تأويل الكتاب المقدس، ثم عرجت على جهود شلايرمخر الذي سعى إلى وضع قواعد تتجاوز ما سطرته التأويلية الكلاسيكية، كما حاولت بيان الجهد الكبير الذي بذله كل من ويلهم ديلتاي و هيدجر و غادامير وهابرماس لتأسيس تأويلية تتجاوز البعد الضيق للتأويلية الكلاسيكية، وانتهى بي الأمر عند التأويل المنهجي مع كل من ريكور وإيكو، وهي كلها جهود تختلف بحسب اختلاف طبيعة منظريها ومجال اشتغالهم. وبما أن تأويلية التقابل تندرج ضمن الاجتهادات النقدية الحديثة، فقد خصص المبحث الثاني لصياغة فكرة بسيطة عن بعض المناهج النقدية لغاية فهم الأسس التي تقوم عليها وبيان أوجه استفادة تأويلية التقابل منها. 
لما كان الاجتهاد النقدي لمحمد بازي من طينة عربية، رأيت أن أضع مخططا بسيطا عن التأويلية العربية، وهو أمر قادني إلى الحديث عن تأويلية النص الديني في المطلب الأول، على اعتبار أن العرب اهتموا غاية الاهتمام بتأويل النص الديني واجتهدوا في وضع قواعد لتأويليه، واحترسوا في ذلك غاية الاحتراس، لأن هذا الخطاب يشكل خطابا ربانيا مقدسا، وهكذا تطرقنا إلى جهود المفسرين وعلماء القرآن والفلاسفة في الغرب الإسلامي، لغرض بيان أن ما بذل في تأويل النص الديني في الغرب الإسلامي لا يقل أهمية ولا شأنا عما بذل في المشرق. وتحدث كذلك عن تأويلية النص الأدبي، حيث أبرزت جهود كل من الشراح والبلاغيين، في شخص كل من المرزوقي والآمدي والجرجاني بوصفهم أهم من اجتهد في سن ضوابط وقواعد لتأويل النص الأدبي قديما.
أما المطلب الثاني فأفردته لبيان جهود المحدثين في تأويل النص الأدبي، فاخترت محمد مفتاح على غيره لجملة من الاعتبارات، سبقت الإشارة إليها في هذا المطلب.
جاء الفصل الثاني من هذا البحث ليكمل سابقيه، حيث عرضت فيه لجهود محمد بازي في إرساء تأويلية عربية، وهو مثل الفصل الأول، موزع بين مبحثين، وكل مبحث تتقاسمه عدة مطالب، عنونت المبحث الأول بمشروع بازي: المفاهيم والآليات، حيث عرفت بمفهومي التساند والتقابل باعتبارهما الركزتين اللتين يقوم عليهما المشروع بأكمله، وقد قادتني هذه الطريقة في الاشتغال إلى محاولة إعادة بناء مفهوم التساند كما تصوره الباحث محمد بازي، وبيان قسميه الرئيسين، المتمثلان في الدوائر الصغرى والكبرى. وهو نموذج سعى من خلاله الباحث إلى تجاوز الطريقة الأحادية في فهم النصوص وتفهيمها. أما مفهوم التقابل فقد أوضحت أن طريقة اشتغال الباحث عليه تجاوزت حده البلاغي، إلى آفاق رحبة أرادت أن تأسس من خلاله طريقة قرائية جديدة في فهم النص الأدبي خاصة والكون عامة، باعتبار هذا المكون (التقابل) قانونا يحكم الكون بأسره.
خصصت المبحث الثاني من هذا الفصل لإجراء دراسة تحليلية للمشروع، تساءلت فيه عن مختلف المرجعيات والنظريات القديمة منها والحديثة التي استعان بها بازي لبلورة مشروعه النقدي، لإيماني أولا بأن هذا الاجتهاد النقدي لم يولد من عدم، ثم لتأكيدي ثانيا على أن أي نظرية نقدية جديدة أرادت أن تحقق لنفسها قدرا من النجاح والمداولة لابد لها أن لا تلغي ما سبقها من الاجتهادات. وقد قادتني هذه الطريقة في الاشتغال إلى بيان أن بازي استعان بمجموعة من الاجتهادات التي حواها تراثنا العربي على اختلافها؛ فمنها ما تعلق بخطاب الشرح والتفسير ومنها ما ارتبط بالبلاغة، ومنها ما تعلق بالنقد القديم. كما ساعدت مختلف النظريات اللسانية والنقدية الغربية الحديثة الباحث في صياغة مشروعه. 
وفي خضم هذه الدراسة التحليلية حاولت أن أعيد بناء المشروع بناءً كرونولوجيا، حيث تبين أن المشروع مر من ثلاث مراحل: أولها المرحلة التمهيدية، وهي المرحلة التي ظهرت فيها بوادر المشروع،في رسالتي الباحث لنيل دبلوم الدراسات العليا، والدكتوراه. أما ثانيها، فهي المرحلة الواسطة، وهي مرحلة ترتبط بظهور كتاب التأويلية العربية، وكتاب تقابلات النص وبلاغة الخطاب. وثالث هذه المراحل هي مرحلة بناء النموذج والتي ربطتها بظهور كتاب نظرية التأويل التقابلي، الذي نعتبره الكتاب الذي احتضن بين دفتيه المشروع التأويلي التقابلي، نظرا للجهد الكبير الذي تشكل في هذا الكتاب. 
تطرقت في المطلب الثالث من هذا المبحث الثاني للنموذج التقابلي ورحابة النص، حيث تبين أن الباحث حاول أن يجعل من هذا النموذج وسيلة قرائية لتحليل جميع أنماط التعبير، وهو أمر قادني إلى بيان طريقة اشتغال النموذج في مجموعة من الخطابات، كالخطاب الديني، والشعري، والفكري، ثم التأويلي. وقد ختم هذا البحث بمطلب رابع خصص لوضع تصور حول آفاق النموذج التقابلي في مجال القراءة والتأويل، حيث تبين أن للمشروع آفاقا حسب تصوري الخاص في مجال القراءة والتأويل، نظرا لجملة من الخصائص التي يتوفر عليها، لعل أبرزها: قدرته على الذهاب في التحليل إلى أبعد حد ممكن، ثم قابليته للتطوير والمناقشة، وهذا ما يتيح له الاستمرار والتجدد.
إن أي بحث لابد له من طلب العون من مصادر ومراجع تعين في الفهم وبلوغ القصد، ولذلك فقد استعنت بجملة من المراجع، موزعة بين مجالات مختلفة، فمنها كتب التراث النقدي العربي القديم، مثل الموازنة والوساطة وغيرها، ومنها كتب التفسير والشرح، ككتاب الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، للزمخشري، ثم شرح المرزوقي على ديوان الحماسة، وغيرها كثير. أما الكتب الحديثة، فقد زاوجت فيها بين كتب النقد الغربي الحديث، وكتب النقد العربي الحديث، وتختلف درجة التركيز على هذا النوع وذاك بحسب طبيعة الموضوع وإشكالاته. 
لقد قالت العرب قديما: من طرق الباب ولَجَّ وَلَجَ، وقد طرقت باب تأويلية التقابل، ولججت في ذلك بقدر ما أتاحته لي معرفتي البسيطة بتحليل الخطاب، وقد قادني هذا الاشتغال البسيط إلى تقرير جملة من الاستنتاجات التي انتهيت إليها، وهي على الشكل التالي: 
-
تبين في الفصل الأول من البحث أن العرب كما العجم، وعوا أهمية التأويل واهتموا به غاية الإهتمام، خصوصا حينما يتعلق الأمر بتأويل النص الديني، ولقد أبانت الدراسة أن العرب تمكنوا من صياغة ضوابط لتأويل النصوص أعرق وأكبر أحيانا من تلك التي أصلها الغرب، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالنص الديني المقدس.. 
-
سع النموذج القرائي لمحمد بازي إلى جعل المكون البلاغي التقابلي أداة قرائية فعالة في فهم النصوص والخطابات، لا باعتباره آلية بلاغية تنتمي إلى علم هو في الدرجة الثالثة من علوم البلاغة، ولكن بوصفه آلية تسكن الكون بأسره، وبالتالي سيغدو النص الأدبي أو غيره من الخطابات الإنسانية ما هو إلا نص مصغر يعكس النص المكبر (الكون) الذي شيده الخالق عز وجل. 
-
بذل الباحث مجهودا كبيرا لتوسيع مفهوم التقابل، حتى يشمل أنماطا تقابليةً أخرى، لم يكن لها وجود مادي في البلاغة العربية، إذ التقابل عنده لا يفيد فقط المطابقة أو التضاد، بل يشمل التوافق والتكملة أحيانا أخرى، كما أن مفهوم التقابل لا يقتصر على البنية اللغوية وحدها، بل يتعداها إلى تقابل السياقات، ومن هنا نفهم سر تقسيم بازي للتقابل، إلى تقابلات صغرى، يبحث عنها داخل النص، وهي مجموع ما تمنحه المداخل اللغوية والنحوية وغيرها في النص. والتقابلات الكبرى، وهي مختلف التقابلات التي تتأسس خارج النص، كتقابل النصوص فيما بينها، وكتقابل السياقات، وغيرها. 
-
اهتم بازي غاية الاهتمام بالتراث العربي القديم، ويظهر اهتمامه بالتراث في انكبابه على دراسة مجموعة من المؤلفات التراثية على اختلاف مجالات اشتغالها، حيث اهتم بالمجال الديني، من خلال اشتغاله على بيان الطريقة التساندية في بناء معنى للتفسيرين الكبيرين: تفسير الزمخشري الموسوم بالكشاف، وتفسير ابن كثير الموسوم بتفسير القرآن العظيم، كما اهتم بكتب النقد القديم، والشرح وغيرها، ولقد أبانت الطريقة التساندية عن فاعليتها في فهم هذه الخطابات. وأعتقد أن رجوع بازي نحو التراث العربي القديم من أهم المقومات التي أتاحت لمشروعه هذه القوة الإجرائية المهمة.
-
أن أي نظرية في الأدب خاصة والعلوم الإنسانية عامة تظل نظرية نسبية غير مطلقة، لأن هذا الشرط لا يتحقق إلا في العلوم الحقة، ولذلك فلنموذج التقابلي ايجابيات كما له هفوات وسقطات، ولعل من بين الملاحظات التي سجلت على هذا الاجتهاد النقدي ، هي سقوطه في ظاهرة أسلوبية هي الإطناب، فالقارئ الذي يمتلك أدنى الكفايات المنهجية في قراءة النصوص يستشعر هذه النتيجة، حيث أنه ما أن تفرغ من قراءة أحد فصول الكتاب، وتنتقل إلى الذي يليه، إلا وتحس بأن ما قيل في الفصل السابق يعاد بطريقة أو بأخرى في الفصل الذي يليه، ومرد ذلك في نظري إلى الخلط الذي وقع للباحث في وظيفة التأويل، فهو تارة يتعامل معه على أنه أداة للتحليل وتارة يتعامل معه على أنه موضوع للتحليل، وهذا هو الذي دفع به إلى التذكير الدائم والمكرر بآليات الاشتغال وبكيفياته، ونسجل على الباحث كذلك إسرافه في توسيع مفهوم التقابل، حتى أنه أصبح بإمكانه ابتلاع كل شيء يجده أمامه.
-
أعتقد أن النموذج التقابلي يجد ضالته في جل الخطابات، إلا أنه يظهر بقوة في بعضها أكثر من بعض، وأعتقد أن الخطاب القرآني من أهم الخطابات التي تمنح للنموذج إمكانية كبيرة للاشتغال لكونه خطابا بني أساسا على هذا المقصد التقابلي، فما أن يذكر الإنس إلا ويذكر الجن، وحيثما تذكر الجنة إلا وتقابلها النار، وهكذا على التوالي في جل الموضوعات.
-
تظل للنموذج التقابلي آفاقا رحبة في مجال القراءة والتأويل، نظرا لجملة من الخصائص التي يتوفر عليها، وكذلك لقابليته للمناقشة والتطعيم من لدن باحثين آخريين. 
إن اشتغالي على تأويلية التقابل لم يكن بسيطا ولا سهلا، بل كان عملا صعبا وشاقا، لصعوبات متعددة، لعل أبرزها، عدم توفري على مراجع تعينني في التحليل، فبستثناء بعض المقالات التي وظفت النموذج التقابلي في تحليل النصوص، وبعضها الآخر الذي لا يتجاوز كونها تلخيصات لما تم عرضه في الأسفار الثلاثة لمحمد بازي، باستثناء هذه المحاولات البسيطة لم أحصل على سند ودعم، ولعل ذلك ما جعلني أحس بعسر التأويل وصعوبة الاشتغال في أحيان كثيرة. 
لقد كان من أسمى من أرمي إليه في هذا البحث المتواضع تقريب هذا الاجتهاد النقدي العربي ذو الصبغة المغربية إلى أذهان المشتغلين بتحليل الخطاب، نظرا- في اعتقادنا- لقيمته أولا كنموذج قرائي جديد، ثم لفاعليته في تحليل النصوص والخطابات. ولقد سعيت كذلك في كل هذا إلى محاولة اكتساب طريقة منهجية في تحليل النصوص، طريقة تتجاوز المسافة الضيقة التي تشتغل فيها معظم المناهج الحديثة التي تركز على قطب واحد من أقطاب العمل الأدبي، إلى فضاء أرحب، يحاول أن يستفيد من كل ما يمكنه أن يخدم عملية الفهم، وهذا لا يعني أن العملية التأويلية فوضية الاشتغال، بل هي مؤطرة ومقيدة بضوابط تجعل منها عملية لا تتعسف في فهم النصوص. كما سعى هذا البحث إلى محاولة إثبات كفاءة الناقد العربي وقدرته على صياغة المناهج والنظريات النقدية.
إنني مدركك تمام الإدراك قصور هذه الدراسة في الإحاطة بكل ما سطره الباحث المغربي محمد بازي، لكن كما يقول الفقهاء الكرام ما لا يدرك كله لا يترك جله، ولذلك أأمل - كما أشرت إلى ذلك في خاتمة هذا البحث- إلى أن يكون عملي البسيط هذا قد أضاف شيئا ذا قيمة في مجال التأويل وتحليل الخطاب عامة، والتأويل بالتقابل خاصة، كما أسعى إلى أن تفتح لي مشاركتي هذه أفاقا رحبة في التعامل مع النصوص والخطابات وفقا للمقاربة التأويلية التقابلية التي اخترتها، وعزمي قوي مستقبلا بحول الله لتثمين النموذج باقتراحات وإضافات إن تيسر ذلك. والله الموفق للخير، عليه توكلت وإليه أنيب. والحمد لله رب العالمين.

شارك المقالة عبر:

اترك تعليقا: